الجمعة، 17 سبتمبر 2010

رسالة إلى المؤتمر الوطني‎- الحلقة الرابعة ‎-مقترحات لتقويم مسيرتكم

هذا المقال تم نشره أيضا بالتعاون مع صحيفة الأحداث السودانية:
http://www.alahdath.sd/details.php?articleid=7560
مقترحات لتقويم مسيرتكم
بالرغم من أن حزبكم يبدو الآن ممسكا تماما بزمام الأمور، فهو في نظري يقف على مفترق طرق تاريخي. وعليكم الآن أن تقرّروا إية طريق ستسلكون. فإما أن تطوروا فكركم لتصبحوا حزبا وطنيا حديثا، قادرا على تقديم أنموذج إسلامي سوداني يلم شمل الأمة بمختلف معتقداتها وأَعراقها، ويَبْني دولةً حرة ديمقراطية تقوم على المواطنة. وإما أن تواصلوا في تمسّككم بالشمولية ومصادرة الحريات، والاستئثار بالسلطة والثروة لأنفسكم، ولمَنْ قاتلكم عليها.
وآمل أن تختاروا الطريق الأولى، لأن في ذلك مصلحتكم ومصلحة السودان. وأن تنظروا حينما تنظروا في أمر تجديد أفكاركم إلى هذه النقاط:

أولا: لابد من إنهاء القطيعة بين فكركم الإخواني وبين إسلام أهل السودان. ففرض أفكاركم بالقوة دليل تعالٍ على شعبكم وثقافته، وهو طَعْنٌ ذاتي مباشر في قدرتكم الفكرية على الإقناع. وفي إعتقادي أنكم غير محتاجين للسير في طريق فرض  أفكاركم بالقوة. فَبِتنظيمكم الجيد، وقادتكم المتعلمين، لا ينبغي أن تكون هنالك مشكلة لديكم في إقناع الشعب السوداني بالحسنى،  إن قَدّمْتم له مثالا مقنعا للحكم.

ثانيا: لابد من التخلي عن الشمولية، فهي بلا مستقبل بين أمم اليوم. وعضوية نادي الشمولية في تناقص مضطرد، حتى بمقاييس العالم الثالث. وإصراركم على الشمولية سيأخّر بلادنا كثيرا. وسيضر بكم مستقبليا. لذلك فاني أرى أن تُوطّنوا الحرية في فكركم، وأن يصبح موقفكم منها إستراتيجيا بعيد المدى، وليس تكتيكيا يتغير حسب موقعكم من السلطة. وهذا التوطين لاينبغي أن يشكل صعوبةً، لأنكم، كما ذكَرتُ سالفا، لاتعارضون الحكم الديمقراطي مبدئيا، مثل طالبان على سبيل المثال.

ثالثا: تجربتكم في الحكم متهمة بالفساد. وقد ذكر السيد رئيس الجمهورية مثالا على ذلك هو طريق الإنقاذ الغربي. ومن الأخبار التي قرأتها مؤخرا أن السيد المراجع العام إجتمع بالسيد رئيس المجلس الوطني لمناقشة كيفية مساعدة ديوان المراجع العام على أداء عمله. فكيف يحدث هذا في دولة تتبنى قيم الإسلام؟
وأنا أعرف أن محاربة الفساد عملية في غاية الصعوبة حتى في المجتمعات المفتوحة. لذلك فان ما أقصده هنا هو أن تفعل الدولة كل ما في وسعها لمحاربته، حتى لا تُتّهَم بالضلوع فيه. ولا أعتقد أن طلب السيد المراجع العام النجدة من رئيس السلطة التشريعية دليل على أن الدولة فعلت كل ما في وسعها لمحاربة الفساد. وهذا لايجوز. وعلى المؤتمر الوطني رد جميع الحلوى لبيت المال.

رابعا: إدخلوا ثقافة السلام في فكركم، وتخلوا عن وَلَعِكم بالحرب.  فالأمم لا تُبْنى بالحروب، وإنما بالسلام والاستقرار. والحروب تقتل الأنفس التي حرم الله. وهي تُشرّد وتُيَتّم وتجلب المآسي والأمراض والجريمة والفقر وكل سوءات المجتمع. وكما قال زهير بن أبي سلمى، رجل السلام الذي فات عصره بعصور:
وَمَا الحَـرْبُ إِلاَّ مَا عَلِمْتُمْ وَذُقْتُـمُ            
            وَمَا هُـوَ عَنْهَا بِالحَـدِيثِ المُرَجَّـمِ
مَتَـى تَبْعَـثُوهَا تَبْعَـثُوهَا ذَمِيْمَـةً            
            وَتَضْـرَ إِذَا ضَرَّيْتُمُـوهَا فَتَضْـرَمِ
فَتَعْـرُكُكُمْ عَرْكَ الرَّحَى بِثِفَالِهَـا            
            وَتَلْقَـحْ كِشَـافاً ثُمَّ تُنْتَجْ فَتُتْئِـمِ
فَتُنْتِـجْ لَكُمْ غِلْمَانَ أَشْأَمَ كُلُّهُـمْ            
            كَأَحْمَـرِ عَادٍ ثُمَّ تُرْضِـعْ فَتَفْطِـمِ
فَتُغْـلِلْ لَكُمْ مَا لاَ تُغِـلُّ لأَهْلِهَـا            
            قُـرَىً بِالْعِـرَاقِ مِنْ قَفِيْزٍ وَدِرْهَـمِ

خامسا: لقد ذكرْتُ نقاطاً أخرى فيما تقدّم، أشرْتُ فيها إلى مجالات أخرى تحتاج إلى مراجعتكم، مثل سُمْعتنا السيئة فى العالم من حولنا، والمظالم الواقعة على الناس، وغير ذلك من الأمور التى تتطلب منكم النظر المخلص فيها. وأدعو الله أن يفتح عقولنا وقلوبنا جميعا لسماع الحق وإتّباعه.
 ولكم مني التقدير والإحترام.
موسى أحمد مروح

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق