الجمعة، 18 مارس 2011

مَسْح نَقْدِي أَوّلِي في مجموعة صلاح الزين القصصية الجديدة..وضعية ترفو حكايا لِتُرْوَى


 
    نحتفل هذه الأيام في جالية واشنطن بالمجموعة القصصية الجديدة للكاتب الدكتور صلاح الزين. تحمل المجموعة  أو النصوص القصصية كما أسماها-- عنوان "وضعية ترفو حكايا لِتُرْوَى"، وهي صادرة عن دار ورد للطباعة والنشر بدمشق. تشمل المجموعة ٢٢ قصة أو نص، وتقع في ١٦٨ صفحة. وكانت مجموعة ٢٤/٢١ الثقافية/المعرفية قد ابتدرت نقاش المجموعة القصصية الجديدة في أمسية نظمتها قبل أسابيع، وأدارها الأستاذ الصحفي صلاح شعيب. وقد انصب مجمل النقاش في تلك الأمسية حول المجموعة كعمل بنيوي، بإعتبار أن الكاتب من الأسماء المعروفة في تيار البنيوية السودانية. وأذكر أنني تحدثت في تلك الندوة عن أن "الحوض الجيني المعرفي" للبنيويين السودانيين محصور في كتابات فرنسية- مغاربية شاعت في السودان في وقت كانت فيه مدخلات النشرالمحلي في السودان، ثم الحريات العامة، في أزمة جد حقيقية. كانت مجموعة صلاح قد وصلت للتو، حيث لم تتح للناس فرصة قراءة ما كتب فيها، مما يفسر الطبيعة العامة لما دار في نقاشنا في تلك الأمسية، بما في ذلك مداخلتي. لم نتحدث ليلتها عما كتب صلاح في هذه المجموعة، وإنما عن البنيوية عموما، مما أشعرني بأننا، كنقاد، لم نوف الكاتب حقه علينا، بعد أن قام بما عليه ووضع أمامنا عملا أدبيا جديدا. أتت الفرصة حينما طلب مني الدكتور صديق البدوي، رئيس الجالية هنا، أن أقوم بإدارة الندوة التي نظمتها الجالية هذه المرة لمناقشة الكتاب الجديد يوم السبت الماضي، ١٢ مارس ٢٠١١. فقررت أن أكون أكثر تحديدا في قراءتي لهذه النصوص الجديدة. وهأنذا أتقدم للقارئ الكريم بهذه الإضاءة التي قدمتها في الندوة، والتي أسميتها "مسح"، لانني لم أجد وقتا أكثر من أن أمسح الطبوغرافيا الظاهرة لهذه المجموعة، راجيا أن أفتح الباب لنقاش أكثر استفاضة، ياتي ممن أتيحت لهم فرصة قراءة الكتاب. موقع الكتاب على خريطة الأدب السوداني:
    يمكن تصنيف المجموعة ضمن أدب الشتات السوداني diaspora literature، الذي يمكن أن نقسمه بدوره إلى:
    ١. شتات ثقافي يمثله كُتّاب جيل الشتات الأول الذين لم تتشكل ذاكرتهم الثقافية بالسودان. هؤلاء نشأوا أو ولدوا خارج السودان، بمعنى أن السودان الجغرافي لم يكن تجربة حياة أساسية بالنسبة لهم.
    ٢. شتات ثقافي - جغرافي يمثله جل كتاب الشتات اليوم، بمن فيهم صلاح الذين. هولاء لهم ذاكرة سودانية متجذرة في واقع سوداني تمت معايشته بالفعل، لكن هذه الذاكرة تعتمل الآن في جغرافيا أجنبية. تجليات الشتات في مجموعة صلاح القصصية:
    ١. شتات جغرافي: الكاتب والنصوص تمثل جانبا من التاريخ/الحاضرالإجتماعي والسياسي للمنافي السودانية الحالية. تجلى ذلك جغرافيا في أماكن وقوع الأحداث التي إمتدت من السودان إلى ماليزيا وكندا والولايات المتحدة.
    ٢. شتات ذهني: الراوي في الغالب مشتت الذهن، يبدو وكأنه مصاب بمصاعب نقص التركيز النفسية (Attention Deficit Disorder(.
    ٣. شتات وجداني: العواطف متقلبة، تغلب عليها المشاعر السالبة: إنزعاج، إرتباك، حزن، فقد، خوف، سخرية، إلخ..
    ٤. شتات لغوى: يستخدم الكاتب الانقليزية أحيانا في نصوصه العربية. هنالك ثلاث نصوص/قصص ذات عناوين إنقليزية.
    إجمالا، يمكن القول أن الكتاب وثيقة في الخراب الوجداني الذي ألحقه نظام الإنقاذ بحياة السودانيين، خاصة في جهة ثيمات الكتاب الأساسية مثل الاغتيال، التعذيب، التشريد، وغير ذلك.
    عَوَالِم الكتاب:
    ١. الناس والشخوص في المجموعة فقراء، من القاع الاقتصادي للمجتمع. فهم غالبا ما يكونون حلاقين، زبالين، عاهرات، بحارة، إلخ.. كما أنهم متعبون، أعينهم منتفخة، يهرولون، يتجولون، أو يتفرجون على الحياة وهي تسير أمامهم.
    ٢. الأمكنة متعفنة، قاحلة، قاسية، خربة، أو مظلمة.
    ملامح خاصة:
    تتميز نصوص المجموعة بوحدة نفسية ووجدانية هائلة بين المكان الجغرافي والزمان النفسي. كما تتميز أيضا بوحدة كبيرة بين الهم العام والخاص )حقوق الإنسان، المجتمع المدني، إلخ ...(

الاثنين، 20 ديسمبر 2010

لا كهنوت في الإسلام


أوردت صحيفة الرأي العام السودانية الصادرة بتاريخ السبت ١٨ ديسمبر الحالي خبرا أفاد بأن الشيخ الدكتور عبدالحي يوسف، إمام  وخطيب  مسجد إمام المرسلين بجبرة، قد شن "هجوما عنيفا على الرافضين لجلد الفتاة التي ظهرت على شريط الفيديو." وقد ذكرت الصحيفة أن الشيخ قد إتهم منتقدي الحادثة بأنهم "بقايا شيوعيين" وإنهم "يسعون لتقويض الشريعة." وأنا هنا أقتبس من تقرير الصحيفة، مما يعني أن الشيخ قد لايكون قد إستخدم نفس هذه المفردات التي وضعتها أنا بين علامات الإقتباس. وأيا كان الحال، فلا الشيخ ولا الصحيفة قد أعترض على ما جاء في هذا الخبر حتى كتابة هذه السطور (٢٠ ديسمبر)، مما يعني أن كليهما يوافقان على ما جاء في الخبر المذكور، إلى أن تثبت الوقائع غير ذلك.

والدكتور عبدالحي هو أيضا شخصية دينية تلفازية معروفة، لها أتباعها الكثر وسط سلفي السودان، والسلفيين عموما. وهو أيضا إستاذ جامعي،  وعضو هيئة علماء السودان، تلك الهيئة المقربة من حزب المؤتمر الوطني الحاكم. وهذه ليست المرة الأولى التي يختار فيها الشيخ أن يلقي بوزنه الديني خلف أمر يفرق بين السودانيين. فقد دعمت هيأته ترشيح الرئيس البشير وحده في الانتخابات الرئاسية الماضية (أبريل ٢٠١٠)، كما أصدرت فتاوى تحرم على السودانيين المسلمين تاجير مبانيهم لإخوتهم في الحركة الشعبية. وتدخلت الهيئة في مثال ثالث  حين اعترضت على طلب مفوضية غير المسلمين رفع بعض القيود التي تضيق على السودانيين غير المسلمين في عاصمتهم القومية (سبتمبر ٢٠١٠).

ومن حق الشيخ بالطبع أن يعتنق ما يشاء من أراء سياسية، ولكن إن أراد أن يترك التقويم والإرشاد الروحي، وأن يأتينا هنا في أضابير السياسة، محتجا بأنه لايفرق بينها وبين الدين، فلا يتوقع منا أن نفرق بينه وبين أهل الإسلام السياسي في السودان، الذين أضاعوا بلادنا وهم يحاولون الجمع بين أختي الحكم العضود والتقوى. فهما لا يجتمعان أيها الشيخ.

وليسمح لي الشيخ بأن أقترح عليه منكرا واحدا هائلا  يمكنه العمل على تقويمه. إنه الفساد المستشري في دولة السودان التي ينافح عنها. ولا أقول ذلك مستندا على مصادر معادية للحكومة. فقد طلب السيد مراجع عام حكومة السودان هذا العام من السيد رئيس المجلس الوطني الحالي مساعدته في إسترجاع الأموال التي إختفت من خزانات الدولة، وفي إخضاع بعض مؤسسات الدولة، الخارجة على قانون الإنقاذ نفسه، للمراجعةكما ذكر الرئيس البشير، حسب تقارير إخبارية، أن هنالك فساد تم فيما يتعلق بطريق الإنقاذ الغربي الشهير، وذلك في ردوده على إخوانه السابقين في المؤتمر الشعبي. فَلْيُرِنا الشيخ عبدالحي هذه  الهَبّة المنبرية، التي أبداها في الهجوم على فتاة ربما هي في أمس الحاجة إلى عناية طبية، في الدفاع عن أموال السودان العامة. فإن فعل، فسنكون والله من أوائل المشيدين به، والمنوهين بقدره. وسيُصْلِح  الله به أمة كاملة، بدلا من فتاة واحدة. وسيصبح من أهل العزائم الكبرى، لأنه "على قدر أهل العزم تأتى العزائم." وإن لم يفعل، فسيحفظ له التاريخ أنه كان من "فقهاء الفروج"، الذين لا يتراوح عَالَُمهم الفقهي جسد المرأة، والذين يتجاهلون سوءات الحكام الأقوياء، ويختلقون لهم الأعذار والفتاوى، بينما يهبون غاضبين من على منابرهم، يدينون الضعفاء منا، ولا يلوون على رحمة أو عذر مما شرعه لنا ديننا الحنيف.

لا أذكر في سودان ما بعد الإستقلال أية شريحة في المجتمع السوداني تشبه في فشلها وخذلانها وقصورها في الأخذ بيد أمتها مثل فقهاء الإسلام السياسي. وأشد ما يقلق في شأن هؤلاء القوم، ومن بينهم الشيخ الدكتور عبدالحي، هو أنهم، خلافا لنا جميعا، غير قابلين للمساءلة عما يقولون في سودان الإنقاذ أمام أية سلطة بشرية، برلمانية كانت أم قانونية، أو غير ذلك. إنهم يتخذون لأنفسهم الحق في أن يفتوا من على منابرهم في أمور وحدتنا وانفصالنا، ودستورنا وتعايشنا مع بعضنا وموتنا وحياتنا. كلنا نحاسب على مسؤولياتنا في هذه الدنيا، وفي الآخرة. أما هم فحسابهم في الآخرة فقط أمام ربهم، أي بعد أن تقوم القيامة، حرفيا. كل السودانيين غير المتنفذين، وكل البشر في دول المؤسسات الدستورية،  يحاسبون أمام القانون، أما هؤلاء الشيوخ، فيظنون أن لهم أجرا إذا أخطاؤوا، وأجرين إن أصابو


ينبغي أن يضع مسلمو السودان الحريصون على إسلام معاصر حدا لمثل هذا الفهم للدين واستغلاله للتحكم في آراء الناس السياسية بواسطة الفقهاء مثل الدكتور عبدالحي، وذلك بأن يرفضوا الدور السياسي والديني المُضِر الذي يلعبه هولاء الفقهاء لمصلحة نظام  يصادر حريات أهل السودان، ويسفك دماءهم بلا وازع أو تردد. فإن لم يفعلوا، فعليهم أن يقبلوا ما يقوله أعداء الإسلام عنه، من أنه دين ليس فيه مكان للحرية والديمقراطية والسلام؛ من أنه دين ليس فيه مكان للأقليات والمرأة ودولة القانون، إذ لا يمكن الجمع بين دولة الإنقاذ الإسلاموية وبين هذه القيم. الخيار واضح إذن أمامنا: إما أن هذه الإدعاءات عن الإسلام غير صحيحة، وهي والله كذلك، أو أن إسلام الإنقاذ غير صحيح، لانه لا يتوافق مع هذه القيم.

إن من أروع قيم الإسلام أنه لا توجد فيه واسطة بين العبد وربه، مما يعني أن المسلم بمقدوره أن يذهب إلى مصادر دينه مباشرة، من غير الحاجة إلى كهنوت يحيل بيننا وبين ربنا. ليست هنالك صكوك غفران في الإسلام، حتى ننتظرها من الشيخ عبدالحي أو إخوته في هيئة علماء السودان. فعلي مسلمي السودان اليوم إما أن يواصلوا إعطاء شيوخ السياسة هؤلاء ما لايستحقون من سلطات لا تقبل المساءلة البشرية في هذه الحياة الدنيا، أو أن يتركوهم ويذهبوا ليصلوا خلف شيوخ يسعون بيننا بالرحمة، والرأفة  وحقن الدماء. فوالله لا هذا الشيخ ولا غيره يملكون لنا ضرا ولا نفعا

الثلاثاء، 14 ديسمبر 2010

لماذا على نظام الإنقاذ أن يتنحى

على نظام الإنقاذ أن يتنحى لانه لم يستشر الشعب السوداني حينما أتى للحكم عبر إنقلاب عسكري قبل ٢١ عاما، ولم يستشر الشعب السوداني وهو يحكم طوال هذه السنوات، وليس لديه خطط الآن لإستشارة هذا الشعب الذي يتحكم الإنقاذيون في ليليه ونهاره وماكله ومشربه. لم يستشر نظام الإنقاذ السودانيين في جَوّ حُر، بعيدا عن الإعتقالات والقوانين المقيدة للحريات. هذا النظام، إذن، لايستمد شرعيته منا ، لانه لم يستشرنا، ولا ليوم واحد، في أمور هي أساس الموت والحياة بالنسبة لنا. على نظام الإنقاذ أن يذهب لأن ماضيه وحاضره ليس فيهما صبر على الخصوم السياسيين، حتى لسنوات قليلة، فلماذا يريدنا الإنقاذيون أن نصبر إلى ما لا نهاية؟ أليست ٢١ عاما تعتبر، للمُعْتَبِر، كرما حاتميا بالنسبة إلى حزب ما أن يخالفه الأخرون رأيه، حتى يسارع حَرَكِيّوهُ إلى التعبئة العامة، ويملأون الدنيا ضجيجا ومظاهرات ضد ما هو غير جوهري في حياة هذه الأمة المتعبة؟ عليهم أن يذهبوا، إذن، لانهم لو كانوا اليوم مكان معارضيهم، لما قبلوا لأنفسهم أن يُحْكَموا هكذا. على نظام الإنقاذ أن يذهب لانه حَوّل السلطة والثروة، اللتان هما حق دستوري لكل سوداني، إلى حق إنقاذي يتصدقون به إلى خاصتهم ومن والاهم، حتى أتونا بحكومة أل ٧٧ وزيرا ويزيد، وخلقوا بيئة سياسية تشتري الولاء بالمال، وطبقة من النفعيين ممن ليس لهم بوصلة أخلاقية، ولا ارتباط بشعب السودان ومعاناته. عليهم أن يذهبوا، إذن، لانهم حولوا السودان إلى مِلْكٍ خاص بهم، أصبح فيه الحزب هو الدولة، والدولة هي الحزب. على نظام الإنقاذ أن يتنحى لان حرب السودانيين ضد بعضهم لم تقف في عهدهم الطويل يوما واحدا، فهي ما أن تخمد في جزء من بلادنا، حتى تشتعل في أخر. ولأنه لم يحكم السودان في تاريخه المسجل مَنْ أريقت في عهده دماء سودانية بالقدر الذي تم تحت راياتهم. ولأن السودانيين لم ينزحوا طلبا للأمن أو نجاةً بأرواحهم، بفعل عوامل سياسية، مثلما فعلوا أثناء حكمهم. ولأن السودانيين لم يتشتتوا في أنحاء المعمورة مثلما تشتتوا تحت قيادتهم. على نظام الإنقاذ أن يذهب لانهم استلموا سودانا واحدا حينما أتوا للحكم، وهاهو الآن إثنان، وقد يزيد مستقبلا. حدث ذلك في وقت تتحد فيه أمم العالم التي كانت منفصلة، وتحتفل فيه الدول بتنوعها وتجعله مصدر قوة لها. أما هم فيريدون لأعراقنا التي تقرب أل ٣٠٠، وللهجاتنا ولغاتنا البالغه قرابة أل ١٧٥، ولمعتقداتنا الكثيرة، أن تصبح طمسا واحدا مما يطمسون. عليهم، إذن، أن يرحلوا لأن ذلك مخالف لقوانين الطبيعة والمنطق والرياضيات والإحترام والبر بيننا، ولأن الله تعالى قال أنه خلقنا "شعوبا وقبائل لتعارفوا،" وحتى لا يقفوا بيننا وبين ما شاء الله لنا. على نظام الإنقاذ أن يذهب لان بلادنا لم تشهد مثل هذا التدخل الأجنبي في أخص خصوصياتها إلا في عهدهم، وعهد المستعمر. ولأنه غير مقبول إطلاقا أن يصبح رئيسنا ورمز دولتنا، مطارد بتهم هائلة، وهو على كرسي الحكم لم يغادره، في أول حادثة من نوعها في تاريخ المحكمة الجنائية الدولية. هنالك طُرُقٌ شتى لإبراز اسم السودان على الصعيد العالمي بشكل أفضل، ليس من بينها تهم الإبادة الجامعية، وجرائم الحرب، والجرائم ضد الإنسانية. على نظام الإنقاذ أن يتنحى لأنه مزق النسيج الوطني للسودان، وصرف جل وقته وهو يؤسس لما يفرق بيننا، لا لما يجمعنا كأمة سودانية. فإنتشر الإضطهاد الديني، والقبلية والجهوية. واستشرى الفقر والمرض، والجهل، وانحط التعليم. ووجد التطرف الديني أرضا خصيبة في بلادنا حتى أصبحت قبلة لقبيلة الإرهاب، ومُرِيْقِى دماء المسلمين وغيرهم من الأبرياء من إخوتنا في الإنسانية. على الإنقاذيين أن يتنحوا لانهم شوهوا هذا الدين العظيم بممارساتهم وقوانينهم التي تُطَبّق بإسم الإسلام ولكنها تجرد الدين من جوهره، في زمان تتأزم فيه علاقات المسلمين مع غيرهم في هذا العالم. عليهم أن يذهبوا لانهم أصبحوا أمة تقيم ما تختاره من حدود على الضعيف فيها "ليطهروه" حسب قولهم، بينا هم والِغُون في أدران الظلم والفساد. مابالهم لا يبدأون بتطهير أنفسهم بهذه القوانين السبتمبرية التي يتحدثون عن عدلها الرباني، حتى تتوزع توبتهم علينا جميعا فتكفينا، ويقدمون بذلك إلى شعبهم بيانا بالعمل؟ عليهم أن يذهبوا لانه عجز مفكروهم وعجزت تجربتهم عن تقديم إسلام عصري مستنير يقدم حلولا لمشاكل المسلمين في عالم اليوم، ولأنهم إلْتَفّوا حول هذا العجز بأن أقاموا مؤسسات كهنوتية تحميهم وتُصْدِر لهم الفتاوى المؤيدة، بما في ذلك فتاوى ضد بعض أبناء هذا الوطن. عليهم أن يذهبوا لانه "لا كهنوت في الإسلام". نقول أن عليهم أن يتنحوا حتى يتمكن السودانيون جميعا، بما في ذلك هم أنفسهم، من الاتفاق على نظام جديد، يأخذ البلاد إلى بر السلامة، وحتى تُحْقَن دماء السودانيين من مخاطر العنف المحدق، ونحفظ بلادنا من التمزق.