الثلاثاء، 14 ديسمبر 2010

لماذا على نظام الإنقاذ أن يتنحى

على نظام الإنقاذ أن يتنحى لانه لم يستشر الشعب السوداني حينما أتى للحكم عبر إنقلاب عسكري قبل ٢١ عاما، ولم يستشر الشعب السوداني وهو يحكم طوال هذه السنوات، وليس لديه خطط الآن لإستشارة هذا الشعب الذي يتحكم الإنقاذيون في ليليه ونهاره وماكله ومشربه. لم يستشر نظام الإنقاذ السودانيين في جَوّ حُر، بعيدا عن الإعتقالات والقوانين المقيدة للحريات. هذا النظام، إذن، لايستمد شرعيته منا ، لانه لم يستشرنا، ولا ليوم واحد، في أمور هي أساس الموت والحياة بالنسبة لنا. على نظام الإنقاذ أن يذهب لأن ماضيه وحاضره ليس فيهما صبر على الخصوم السياسيين، حتى لسنوات قليلة، فلماذا يريدنا الإنقاذيون أن نصبر إلى ما لا نهاية؟ أليست ٢١ عاما تعتبر، للمُعْتَبِر، كرما حاتميا بالنسبة إلى حزب ما أن يخالفه الأخرون رأيه، حتى يسارع حَرَكِيّوهُ إلى التعبئة العامة، ويملأون الدنيا ضجيجا ومظاهرات ضد ما هو غير جوهري في حياة هذه الأمة المتعبة؟ عليهم أن يذهبوا، إذن، لانهم لو كانوا اليوم مكان معارضيهم، لما قبلوا لأنفسهم أن يُحْكَموا هكذا. على نظام الإنقاذ أن يذهب لانه حَوّل السلطة والثروة، اللتان هما حق دستوري لكل سوداني، إلى حق إنقاذي يتصدقون به إلى خاصتهم ومن والاهم، حتى أتونا بحكومة أل ٧٧ وزيرا ويزيد، وخلقوا بيئة سياسية تشتري الولاء بالمال، وطبقة من النفعيين ممن ليس لهم بوصلة أخلاقية، ولا ارتباط بشعب السودان ومعاناته. عليهم أن يذهبوا، إذن، لانهم حولوا السودان إلى مِلْكٍ خاص بهم، أصبح فيه الحزب هو الدولة، والدولة هي الحزب. على نظام الإنقاذ أن يتنحى لان حرب السودانيين ضد بعضهم لم تقف في عهدهم الطويل يوما واحدا، فهي ما أن تخمد في جزء من بلادنا، حتى تشتعل في أخر. ولأنه لم يحكم السودان في تاريخه المسجل مَنْ أريقت في عهده دماء سودانية بالقدر الذي تم تحت راياتهم. ولأن السودانيين لم ينزحوا طلبا للأمن أو نجاةً بأرواحهم، بفعل عوامل سياسية، مثلما فعلوا أثناء حكمهم. ولأن السودانيين لم يتشتتوا في أنحاء المعمورة مثلما تشتتوا تحت قيادتهم. على نظام الإنقاذ أن يذهب لانهم استلموا سودانا واحدا حينما أتوا للحكم، وهاهو الآن إثنان، وقد يزيد مستقبلا. حدث ذلك في وقت تتحد فيه أمم العالم التي كانت منفصلة، وتحتفل فيه الدول بتنوعها وتجعله مصدر قوة لها. أما هم فيريدون لأعراقنا التي تقرب أل ٣٠٠، وللهجاتنا ولغاتنا البالغه قرابة أل ١٧٥، ولمعتقداتنا الكثيرة، أن تصبح طمسا واحدا مما يطمسون. عليهم، إذن، أن يرحلوا لأن ذلك مخالف لقوانين الطبيعة والمنطق والرياضيات والإحترام والبر بيننا، ولأن الله تعالى قال أنه خلقنا "شعوبا وقبائل لتعارفوا،" وحتى لا يقفوا بيننا وبين ما شاء الله لنا. على نظام الإنقاذ أن يذهب لان بلادنا لم تشهد مثل هذا التدخل الأجنبي في أخص خصوصياتها إلا في عهدهم، وعهد المستعمر. ولأنه غير مقبول إطلاقا أن يصبح رئيسنا ورمز دولتنا، مطارد بتهم هائلة، وهو على كرسي الحكم لم يغادره، في أول حادثة من نوعها في تاريخ المحكمة الجنائية الدولية. هنالك طُرُقٌ شتى لإبراز اسم السودان على الصعيد العالمي بشكل أفضل، ليس من بينها تهم الإبادة الجامعية، وجرائم الحرب، والجرائم ضد الإنسانية. على نظام الإنقاذ أن يتنحى لأنه مزق النسيج الوطني للسودان، وصرف جل وقته وهو يؤسس لما يفرق بيننا، لا لما يجمعنا كأمة سودانية. فإنتشر الإضطهاد الديني، والقبلية والجهوية. واستشرى الفقر والمرض، والجهل، وانحط التعليم. ووجد التطرف الديني أرضا خصيبة في بلادنا حتى أصبحت قبلة لقبيلة الإرهاب، ومُرِيْقِى دماء المسلمين وغيرهم من الأبرياء من إخوتنا في الإنسانية. على الإنقاذيين أن يتنحوا لانهم شوهوا هذا الدين العظيم بممارساتهم وقوانينهم التي تُطَبّق بإسم الإسلام ولكنها تجرد الدين من جوهره، في زمان تتأزم فيه علاقات المسلمين مع غيرهم في هذا العالم. عليهم أن يذهبوا لانهم أصبحوا أمة تقيم ما تختاره من حدود على الضعيف فيها "ليطهروه" حسب قولهم، بينا هم والِغُون في أدران الظلم والفساد. مابالهم لا يبدأون بتطهير أنفسهم بهذه القوانين السبتمبرية التي يتحدثون عن عدلها الرباني، حتى تتوزع توبتهم علينا جميعا فتكفينا، ويقدمون بذلك إلى شعبهم بيانا بالعمل؟ عليهم أن يذهبوا لانه عجز مفكروهم وعجزت تجربتهم عن تقديم إسلام عصري مستنير يقدم حلولا لمشاكل المسلمين في عالم اليوم، ولأنهم إلْتَفّوا حول هذا العجز بأن أقاموا مؤسسات كهنوتية تحميهم وتُصْدِر لهم الفتاوى المؤيدة، بما في ذلك فتاوى ضد بعض أبناء هذا الوطن. عليهم أن يذهبوا لانه "لا كهنوت في الإسلام". نقول أن عليهم أن يتنحوا حتى يتمكن السودانيون جميعا، بما في ذلك هم أنفسهم، من الاتفاق على نظام جديد، يأخذ البلاد إلى بر السلامة، وحتى تُحْقَن دماء السودانيين من مخاطر العنف المحدق، ونحفظ بلادنا من التمزق.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق