السبت، 6 نوفمبر 2010

ما بال أهل الجبهة الوطنية العريضة يضيقون بالنقد؟

This article was also published on Sudanese Online at: http://www.sudaneseonline.com/ar4/publish/article_2205.shtml

بقلم: موسى أحمد مروح ، واشنطن.
أثار مقال جيد للأستاذ مصطفى عبدالعزيز البطل نشر في صحيفة الأحداث وعلى موقع سودانيز أن لاين فى الثالث من هذا الشهر ردودا جيدة من الأستاذين الصادق حمدين ووائل عبدالخالق مالك، وذلك في مقالين  نشرا أيضا على  موقع سودانيز أن لاين، وحملا العنوانين  "مصطفي عبد العزيز البطل ومحاولة اغتيال الأمل" و "تعقيب على مقال الاستاذ : مصطفى عبدالعزيز البطل" على التوالي.
 و لا أود هنا أن أنصب نفسي مدافعا عن الأستاذ البطل، فهو أجدر بالدفاع عن نفسه، ولا حاجرا على الأستاذين الصادق  ووائل حقهما  في أن يردا على مقال شعرا بأنه  يبخس من حق عمل وطني هو بلا شك شمس ساطعة في واقع السودان المظلم، ولا في حقهما في  أن يختارا ما يناسبهما من لغة. كما أنني لم أتشرف بعد  بمعرفة أي من هؤلاء الأساتذة الأفاضل، مما يعفيني، على الأقل الآن، من تهمة الوقوع تحت تاثير أي منهم. ولكنني قرأت مقال الأستاذ البطل وفهمت منه، عموما، أنه مقال  فيه دعوة للعقل، ويقع في خانة "أسمع كلام الببكيك"، وذلك بالتحديد ما أعجبني فيه. أما المناطق في المقال  التي يمكن أن نقول أن الأستاذ قد "زود"فيها، فهذا فرق في الرؤية الشخصية، وجزء هو من صميم طبيعة تداول الآراء بحرية، خاصة أن الأستاذ البطل قد أشار إلى نقاط قصور، هي في رايي صحيحة، و أنا الذي تحدثت مع الأستاذ حسنين قبل وبعد ندوته هنا في واشنطن. ففي رايي أنه بقدر ما تحتاج الجبهة الوطنية العريضة من مدافعين عنها، ومتحمسين لوعدها الكبير، فهي تحتاج إلى ناصحين أيضا. ويقيني  أن الأستاذين  الصادق ووائل يعلمان ذلك سلفا. لذلك حز في نفسي أن الأستاذين بدا وكأنهما يقولان أن  الجبهة الوطنية العريضة، هذا الكيان الذي قدم نفسه الآن  بديلا سياسيا  مغايرا لنظام الإنقاذ، يريد أن يقول للناس ألا تنتقدونني وإلا رميتكم بتهمة إحباط هذاالجهد الوطني، و بالتواطؤ مع حكام السودان الذين  أذاقوا شعبهم الويلات. ولا أدري إن كان الأستاذان يتحدثان بصفة رسمية أم لا، ولكنني أتمنى ألا يكون ذلك هو الرسالة التي تريد الجبهة الوطنية العريضة أن تقولها لكل من أشار إلى نقاط قصور، هي في جوهرها فائدة عظيمة مجانية  لتنظيم بدا خطاه للتو.
و كنت أتمنى أن يشكر الكاتبان الأستاذ على جهده في التوجيه والنقد، وأن يصرفا وقتا ومساحة في الاجابة على النقاط التي أثارها الأستاذ، مثل توضيح  ما تم عمله  لتوطين الجبهة بالداخل، لانها إن لم تفعل ذلك حالا، فان ماكينة الإنقاذ الإعلامية ستنجح في تعريف الجبهة الجديدة للشعب السوداني نيابة عن الجبهة، وسوف لن يكون ذلك التعريف إيجابيا إطلاقا، و ستفقد الجبهة الجديدة رسالتها وزمام المبادرة الإعلامية، وستصور للشعب السوداني المرهق جدا على أنها مسنودة من أعداء الإسلام، و غير ذلك من ديماقوقيات الإنقاذيين المعروفة. كما أن علاقة الجبهة  الوطنية العريضة بحزب طائفي هو الحزب الاتحادي الديمقراطي، الذي ساعدت بنفسي في إلصاق إعلانه عن الندوة  على الحائط، خلف الكرسي الذي جلس عليه الأستاذ الجليل والمناضل الشريف علي محمود حسنين، تظل غير مفهومة، خاصة أن الأستاذ حسنين وأهل الجبهة الوطنية العريضة، يصفون ، وهم محقون، أحزاب السودان المعارضة بالفشل الذريع في مجابهة نظام الإنقاذ، بما في ذلك نفس الحزب الذي قدمت الندوة تحت رعايته. والتعارض هنا واضح، إذ أن أغلب  الظن أن العاقلين من الناس سيجدون صعوبة في فهم الحكمة من رعاية حزب لندوة تصفه بالفشل التاريخي. والقول بان الأستاذ حسنين كان يتحدث بصفته الشخصية، هي فذلكة قد تحل الإشكال فنيا، ولكن ليس جوهريا، خاصة أن الأستاذ أصر في ندوته أن من لا يريد إسقاط الإنقاذ، فهو مشارك في ظلمها، ولم يترك للناس طريقا ثالثا. فلماذا  يراد للأستاذ حسنين أن يظل ممسكا بالعصا من منتصفها، بينما يقال للناس إما أنتم معنا أو ضدنا؟ و أنا لا أقول هنا أن الجبهة الوطنية العريضة هي صناعة إتحادية، فهي ليس كذلك. ولكنني أقول أن على الأستاذ حسنين إن يستقيل من الحزب الاتحادي الديمقراطي. فالجمع بين هاتين الزوجتين يقدح في مبادئ هذة الجبهة.
والأمر الثالث أن هنالك أناس مثلي، يرون أن هنالك طريق ثالث، يجلب التغير المطلوب، ويحقن دماء السودانيين، ولا يعد الناس بحرب جديدة تحررهم بعد أن تقتلهم أولا، حرب  لا يدرى كم من الأرواح السودانية الإضافية سيموت فيها. هذا الطريق الثالث جربه السودانيون من قبل بنجاح، وجربه غيرهم بنجاح، وهو العصيان المدني وأساليبه الكثيرة. والقول بان ذلك  أصبح غير متاح الآن لان الإنقاذ قضت على النقابات الحرة، أمر مردود، ينم عن افتقار للإبداع السياسي، خاصة في عصر الانترنت هذا، ولكن لذلك مقال أخر.
وخلاصة القول أن على رجال الجبهة الوطنية العريضة، وهم من نادى على الناس أن قد هلموا إلى عمل وطني جديد مختلف، أن يفتحوا صدورهم للنقد، فهم أولى بذلك من غيرهم. و أن يفهموا بان النقد الذي يشير إلى ما يمكن تحسينه في هذه الجبهة هو ليس مرغوب فقط، وإنما واجب على كل محبي السودان والحرية.
 ولهم وللأستاذين الصادق ووائل كل الإحترام  والوعد بان نفعل كل ما نستطيع لإسترداد الحرية لبلادنا الحبيبة.