الجمعة، 17 سبتمبر 2010

رسالة إلى المؤتمر الوطني‎- الحلقة الثالثة ‎- نجاحاتكم


نجاحاتكم
لم تكن كل تجاربكم فاشلة بالطبع. فهنالك مجالات أحسنتم فيها. وتشمل هذه المجالات في نظري إستخراج البترول وتحرير الإقتصاد وتطوير البنى التحتية وتوسيع التعليم العالي. والحق يقال أن هذه النجاحات كان ثمنها باهظا. بل قد يقول قائل أن هذا الثمن الباهظ أفرغ هذه النجاحات من مضمونها. وهذه حجة قويه ينبغي إحترامها. ولكنني أختار هنا أن أكون إيجابيا، لان الغرض من هذه المقالات هو تشجيعكم على تصحيح مساركم، لا تقريعكم. ولأن القدح في كل شي، فقط لأن من قام به يخالفنا الراي، هو صفة ذميمة أخّرَتْ بلادنا كثيرا. فبدلا من ذلك ساقول لكم أحسنتم حينما أرى ذلك، آمِلًا بعد ذلك في أن تكثروا من هذا الإحسان، وأن تقوموا بمعالجة الإنتقادات المهمة التي يوجهها الناس لنجاحاتكم.

أعتقد أن إحدى إنجازات الإنقاذ المهمة هي إطلاق سراح البترول السوداني من سجن شركة شيفرون وشركائها، ومن ثم التأسيس لصناعة بترول سودانية. أعتقد أن ذلك كان إنجازا كبيرا، ودليل عزيمة قوية. وصحيح أن هنالك قضايا خطيره تتعلق بالكيفية التي حققتم بها هذا، مثل  ضآلة حصة البلاد في هذه الاتفاقيات، ودور البترول في حرب الجنوب، والسرية التي تحيط حتى يومنا هذا بعائداتنا من هذا البترول، وأين تذهب. ولكن واضح أن إقتصاد البلاد قد نما نموا مطردا وكبيرا، بلغ ١٣% أحيانا،  خاصة قبل الانخفاض الحالي لأسعار البترول.

وهذا يقودني إلى النقطة الثانية في  نجاحاتكم، وهي تحرير الاقتصاد السوداني من قبضة الدولة والقطاع العام، وفتح المجال للاستثمارات الأجنبية والقطاع الخاص ليخلق سوق عمل مفتوحة تشجع على التنافس والإنتاج. وكما هو الحال في البترول، هنالك مشاكل عويصة تتعلق بالطريقة التي حررتم بها الإقتصاد، مثل تشريدكم للناس الذين يخالفونكم الراي، واستخدام مرافق الدولة ومواردها لصالح حزبكم، وعدم وضعكم لبدائل تعالجون بها الفقر والمعاناه التي لابد ناجمة من أية عملية تخصيص بحجم دولة. ولكن بالرغم من ذلك، فلا يمكن لعاقل محايد أن يتصور إمكانية خلق إقتصاد صحيح من إقتصاد مريض، من غير مخاض عسير، ومشاكل إقتصادية وإجتماعية جمه، في مجتمع درجت أن تكون فيه الدولة الدجاجة الوحيدة التي تبيض.

وقد ساهم تحرير الإقتصاد وعائدات البترول في نجاح ثالث وهو تطوير البنى التحتية في البلاد، مثل شبكات الإتصالات والطرق والكباري. وقد غير العمران في السنوات الأخيرة الكثير من ملامح العاصمة. كما نشَأَتْ ملامح طبقة متوسطة بالبلاد، وهو مؤشر صحة إقتصادية كبير، إن واصلت هذه الطبقة في النمو. إذ أنه لا توجد أية أمة متقدمة إقتصاديا ولاتوجد بها طبقة متوسطة قوية. كما أن ثقافة الإستثمار قد نمت بين الناس. وصحيح أن هنالك إنتقادات كثيرة وحقيقية يمكن توجيهها إلى كل هذه الإنجازات. ولكن لابد لكل شخص منصف وواقعي من الإشادة بها، لأنكم إن لم تبدؤها لما جاء مثلي من الناس لينتقدها. والنقد بطبيعته لا يحصل إلى إذا قام شخص أو جهة بإنجاز عمل ما. وقد بدأتم أنتم  هذه الإنجازات بالرغم من عيوبها، لذلك لابد من الإشادة بذلك.

أما نجاحكم الرابع فهو توسيع قاعدة التعليم العالي، وفتح الطريق للقطاع الخاص للإستثمار في هذا المجال. والحقيقة أن التعليم العالي قبلكم كان مجالا ضيقا بلا سبب وجيه أو مبرر. والقول بان مستوى التعليم عموما قد تدنى بعد أن أصبح التعليم العالي متاحا لاعداد كبيره قد يكون صحيحا. وقد لا يكون، لان بعضا من ذلك في نظري راجع إلى روح الأبوية التي تنظر بها أجيالنا المخضرمة إلى أجيالنا الشابة. كما أن تدني التعليم لم يكن المشكلة الوحيدة التي كانت تواجه هذا القطاع. والعدل يتطلب منا أن نشيد بأي شخص أو جهة تحل حتى لو عقدة واحدة من ضمن عقد هذه المشكله، بدلا من توجيه الانتقادات غير البناءة.  وملخص القول أن التعليم، أيا كان قدره، هو إستثمار في الأمة، وإن متعلما عاطلا هو خير من جاهل عاطل.




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق